الثورة الإصلاحية الكبرى بقيادة جلالة الملك غيرت ملامح المغرب
الثورة الإصلاحية الكبرى بقيادة جلالة الملك غيرت ملامح المغرب
أكد الكاتب الصحافي، عبد الحميد جماهري، أن 23 سنة من الثورة الإصلاحية الكبرى، التي يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ويحتضنها الشعب المغربي بكل فئاته، غيرت ملامح المغرب، وفتحت المستقبل على أجمل احتمالاته، وجعلت من الإصلاح والتحديث قاعدة لتعاقد متين وقيمة مطلقة لا يجادل فيها المغاربة بمختلف قناعاتهم.
وقال جماهري في عموده “كسر الخاطر”، الصادر ضمن عدد جريدة “الاتحاد الاشتراكي” ليومي السبت والأحد، إن “هذه الثورة التي يقودها جلالة الملك منذ 23 سنة، فتحت كل الجبهات، بشجاعة يقل نظيرها في تاريخ المغرب، وفي تاريخ الشعوب: جبهات السياسة والتاريخ والاقتصاد واللغة والمجتمع والديبلوماسية والجيواستراتيجية والتجديد الديني، بلا مواربة وبلا تعثر وبلا ارتعاش”.
وأضاف جماهري، في المقال الذي جاء تحت عنوان “عيد العرش.. 23 سنة من ثورة إصلاح دائم غيرت الدولة والمجتمع وحصنت الوطن”، “لا شيء بقي كما كان، وكل شيء صار إلى الأفضل”، مشيرا إلى أن “هذه القاعدة التي بنى عليها جلالة الملك مشروعه الحضاري، الذي بدأ يتجسد أمام أعين شعبه وأمام أعين بلاد الناس، غيرت للدولة المغربية وظيفتها وطبيعتها ومكانتها ووفرت عليها الانتشاء الذاتي الذي ساد لعقود”.
وتابع بالقول “لقد خلقت وسط ذلك وضمن شروط المغرب الجديد، رابطة متجددة، بين قائد وشعبه، رابطة ولدت من اللقاء بين رائد ثورة سياسية، مضمونها الرفع من سيادة الشعب ووحدة الوطن، وإرادة في الإصلاح تقوت طوال 23 سنة، إرادة حاسمة في التحديث قوت هذه السيادة في العالم وفي تجديد الديبلوماسية، جعلت للبلاد موقعا في نوادي العواصم ذات الصوت المسموع وحررت المغاربة من قبلات جيواستراتيجية مفروضة باسم التقسيم الدولي للعمل”.
وواصلت الملكية، يضيف صاحب المقال، حفاظها على التعاقدات الكبرى للمغرب، حول الوطن أولا، والديموقراطية والتحديث والعدالة وتغيير أولويات الدولة لخدمة المجتمع، مسجلا أن المغاربة تابعوا منخرطين ومتحمسين كيف يقود جلالة الملك المواجهة ضد مؤامرة قاربت نصف قرن، تمس بوحدته الوطنية، وكيف جعل جلالته وحدة التراب والإنسان شرطا في بناء العلاقات الدولية، وكيف فرضت إرادة جلالته الصلبة السيادة كشرط وجوب في بناء الشراكات.
ولفت إلى أن المغاربة تابعوا أيضا “كيف أن هذه المؤامرة، التي مازالت جوقة الخصوم تحميها بحطب النار، وزيت التأجيج، لم تسحب منهم تأثيرهم على مستقبل يهمهم، ولا تمنعهم من تطوير اقتصادهم وتحفيزهم على بناء معادلات جديدة في السلطة وفي الاقتصاد وفي الثقافة وفي المجتمع”، بل “وعاشوا التعريف المتجدد للملكية، ليس فقط كمحرض على التحديث وترشيد التاريخ وعقلنته، بل باعتبارها رحم أمة مرتبطة ارتباطا لا انفصام له بترابها ودولتها”.
وبعد أن كتب أنه في عالم يعرف اتساع دورة التنقل والحركية الإنسانية والمنتوجات الثقافية المبهرة، لم يفقد المغرب قوته، ولا رهن مستقبله وحاضره بأعطاب ماضيه، بل أدرك أن عليه أن يكون ابن هذا العالم، أشار جماهري إلى أنه طيلة 23 سنة، عاش المغاربة التحولات الملحمية العميقة، داخليا وخارجيا، منبها إلى أن الجانب الملحمي في سيرة المغرب الفعلية والملموسة، لا يكمن في كونه يقوم باختيارات سياسية تستعير موضوعها من مجرى التاريخ الحي الجريء فحسب، بل أيضا باختيارات تسعى إلى تحقيق ما يجعل كل إنجازاتها تحمل طابعا تاريخيا.
وعلى سبيل المثال، يضيف الكاتب، فقد تجسد ذلك في إعطاء المغرب المقعد الذي يريحه في حوض المتوسط، مهد الملاحم الهوميرية التي تحتفظ للملوك بمكانة خاصة في صياغة وعي الشعوب لنفسها، مسجلا أن الجيل الذي شاهد تسارع التاريخ وانتقالات المغرب من عهد إلى عهد سيشهد بأن الدولة حولت، مع التعريف الذي وضعه جلالة الملك لها، بعضا من م لكيتها التاريخية وعنفها المشروع، لفائدة العمل من أجل السلم في العالم والتقدم في الداخل.
ولفت جماهري إلى أن “هدف الدولة لم يعد هو.. ذاتها، بشكل حصري، أي أن توجد لكي تحافظ على نفسها وقوتها وأسباب استمرارها، بشكل واسع، في حين تبقى مكونات المجتمع الأخرى مجرد تابعة لهذا الهدف ورهينته، بل أصبحت الدولة هي بحد ذاتها وظيفة تاريخية، ووسيلة في خدمة سواها بلغة عبد الله العروي”.
ومن ثمرات هذا التحول، يضيف صاحب المقال، أن الدولة صارت تحقق في تجربتها وتنظر بعين النقد إلى ما لم يتحقق، لاسيما في مجال النمو والعدالة الاجتماعية، ولهذا لم تتردد في إعادة تعريف نفسها، بسبب الأزمات أو بسبب وصولها عتبة النضج وتضمينه البعد الذي يخدم المغاربة أي الدولة الاجتماعية.
وتابع بالقول “كما أنه لم يعد من المستساغ الوقوف عند عتبة الانبهار بالمنجز الطويل، كما في قصة نرسيس الذي أحب صورته في الماء، بل صار من المألوف أن تأتي الانتقادات لسلوك الدولة والإدارة والمؤسسات من جلالة الملك نفسه، في تحريض واضح على ثقافة النتيجة وشرعية الإنجاز عوض النرجسية السياسية للدولة”.
وخلص جماهري إلى القول إنه “مع هذا كله، كان لا بد أن أن يصاحب ذلك ويرافقه بروز “نظام عاطفي جديد” (Nouveau régime émotionnel) يعبر به الشعب عن امتنانه وعن حماسته وانخراطه”، مبرزا أن “هذا النظام العاطفي الجديد يشكل الشق الإنساني والانفعالي لتعاقد الملك والشعب، ويرافقه ويعطيه مسحته الإنسانية والضامنة لحقيقة المشاعر، كما كان في عهد الأجيال السابقة التي بنت نظامها العاطفي على صورة محمد الخامس، طيب الله ثراه، في معركة التحرير”.