أزمة الجفاف في المغرب وتأثيراتها على القطاع الفلاحي وخطط الدعم الحكومية
أزمة الجفاف في المغرب وتأثيراتها على القطاع الفلاحي وخطط الدعم الحكومية
يعاني المغرب من تحديات متزايدة بسبب توالي سنوات الجفاف، إذ يتوقع أن تكون سنة 2025 السنة الثامنة على التوالي التي تشهد نقصاً حاداً في التساقطات المطرية. هذا الوضع لا يؤثر فقط على القطاع الفلاحي، بل يضع الفلاحين في مواجهة ضغوط اقتصادية كبيرة ويؤثر بشكل مباشر على استقرار المواطنين وأسعار المواد الغذائية.
وفي ظل استمرار هذا الجفاف، تبرز تأثيراته بشكل واضح على الأراضي الزراعية والإنتاج الحيواني، حيث أفاد بعض الفلاحين بتراجع عدد رؤوس الماشية لديهم بشكل كارثي. على سبيل المثال، ذكر أحد الفلاحين المتضررين أن عدد الأبقار في مزرعته انخفض من 300 إلى 35 فقط. هذا التراجع دفع بالكثيرين من سكان المناطق القروية إلى الهجرة نحو المدن بحثاً عن فرص عمل في المقاهي والمطاعم.
وتزداد معاناة الفلاحين باعتبارهم الحلقة الأضعف في هذه الأزمة، مما يجعل الأزمة الفلاحية تحدياً اقتصادياً وطنياً يؤثر على جميع المواطنين. ارتفاع الأسعار وندرة المنتجات الزراعية باتا مشكلتين يوميتين، ما يزيد من العبء على الأسر المغربية، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
وفي هذا السياق، أكد المحلل الاقتصادي محمد جدري أن أزمة الجفاف تضاعف من صعوبة تحقيق المغرب لأهدافه الاقتصادية. وأوضح أن القطاع الفلاحي، الذي يعتمد بشكل رئيسي على الأمطار، يمثل عائقاً كبيراً أمام تحقيق نسبة نمو 4.6٪ المأمولة لهذا العام. فقد فشل المغرب خلال السنوات الأخيرة في بلوغ إنتاج الحبوب المستهدف والمقدر بـ 70 مليون طن، ما يعكس هشاشة القطاع أمام تقلبات المناخ.
ورغم التحديات، خصصت الحكومة ميزانية كبيرة لمواجهة الجفاف خلال العامين الماضيين. وشملت هذه الجهود مبادرات لدعم الفلاحين عبر تقديم بذور معتمدة بأسعار مدعومة، وتعزيز تقنيات الري التكميلي، بالإضافة إلى دعم تربية الماشية والمنتجات الحيوانية. ومع ذلك، لا تزال المخاوف قائمة بشأن ما إذا كانت هذه التدابير كافية لمعالجة الأزمة على المدى الطويل.
وفي إطار الجهود الاستراتيجية، تبرز أهمية تنفيذ المخطط الوطني للمياه 2020-2027، الذي يُعدّ حاسماً لضمان استدامة القطاع الفلاحي. هذا المخطط يهدف إلى تحسين إدارة الموارد المائية في ظل شح الأمطار، مع التركيز على تمويل مشاريع الري ودعم الفلاحين المتضررين. ورغم الجهود المبذولة، فإن استمرار الجفاف يجعل الطريق إلى تحقيق الأمن الغذائي طويلًا ومعقدًا.
ومع تصاعد التحديات، يبقى المغرب أمام اختبار صعب يتطلب حلولا مبتكرة وسياسات مستدامة تجمع بين حماية الموارد المائية وتعزيز الإنتاج الزراعي. هذه الاستراتيجية لا تسعى فقط إلى دعم الفلاحين، بل تهدف أيضاً إلى ضمان استقرار الاقتصاد الوطني وتأمين احتياجات المواطنين الغذائية في المستقبل.